ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها........ كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
من ذا الــــــذي ما ساء قط....... ومن لــــــه الحسنى فقــــط
تريد مبرأ لا عيب فيه ......... وهل نار تفوح بلا دخان
ها هو عمر أبنُ عبد العزيز عليه رحمة الله ورضوانه يختار جلاسه اختيارا ، ويشترطُ عليهم شروطا، فكان من شروطه أن لا تغتابوا ولا تعيبوا أحدا في مجلسي حتى تنصرفوا.
واحفظ لسانك تسترح......فلقد كفى ما قد جرى
ها هوَ ابنُ سيرين عليه رحمةُ الله كان إذا ذُكرَ في مجلسه رجل بسيئةٍ بادر فذكرَه بأحسنِ ما يعلمُ من أمره، فيذبُ عن عرضه فيذبُ اللهُ عن عرضه ... سمع يوما أحد جلاسه يسبُ الحجاجَ بعد وفاته، فأقبل مغضباً وقال:
صه يا أبن أخي فقد مضى الحجاج إلى ربِه، وإنك حين تقدُمُ على اللهِ ستجدُ أن أحقرَ ذنبٍ ارتكبتَه في الدنيا أشدَ على نفسِك من أعظمِ ذنبٍ اقترفَه الحجاج و لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ .
واعلم يا أبن أخي أن اللهَ عز وجل سوف يقتصُ من الحجاجِ لمن ظلمَهم، كما سيقتصُ للحجاجِ ممن ظلموه، فلا تشغلنا نفسك بعد اليومِ بعيبِ أحد ولا تتبعَ عثراتِ أحد.
ومَن لا يُغَمِّضْ عَيْنَهُ عن صَدِيقِهِ ... وعَنْ بَعْضِ ما فِيهِ يَمُتْ وهْوَ عاتِبُ
مَن يَتَتَبَّعْ جاهـــــــــداً كُــــــــــلَّ عَثْــــــــرَةٍ ... يَجِدْها ولا يَسْلَمْ له الدَّهْرَ صاحبُ
|