|
|
|
|
|
#1
|
||||||||||||||
|
||||||||||||||
حكم لعبة ترافيان
السؤال : انتشر في الوقت الحاضر بين الشباب لعبة تسمى ترافيان ( Travian ) وطريقة اللعبة يقوم الشخص بالتسجيل ، ثم يقوم بوضع قرية له ، ثم يقوم بالغزو على القرى المجاورة ، بأخذ ما لديهم من قمح ، وخشب ، وغيره ، لكن يوجد بعض الشباب يقوم بدفع المال على اللعبة ، ثم يقوم دفع 50 ريالاً من أجل أن أكمل عنه اللعبة في الغزو ، وعمليات الصلح ، وغيره . أرجو منكم الإجابة في أقرب فرصة ، وجزاكم الله خيراً ، ويا ليت يتم وضع الفتوى على الموقع من أجل أن يستفيد الناس .
الجواب : الحمد لله أولاً: يخسر كثير من الناس في التفريط في نعمتين عظيمتين ، وهبهما الله تعالى لهم ، وأمرهم بالحفاظ عليهما ، واستثمارهما قبل أن يفوتا ، وقبل أن يأتي أجل المسلم ، ولا ينفعه ندمه ، ولا تحسره بعدها ، وهاتان النعمتان هما : الصحة ، والفراغ ، فترى ذلك الكثير من الناس ينخدع بصحته وعافيته ، ويغتر بقوته ونشاطه ، فيضيعهما فيما لا فائدة فيه . عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ : ( اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ ) . رواه الحاكم ( 4 / 341 ) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " ( 3355 ) . والأكثر خسارة هو من يضيعهما في معصية الله تعالى ، وفعل المنكرات ، وإن لم يتدارك المسلم الأمر فيغتنم فراغه قبل شغله ، وصحته قبل سقمه ، وحياته قبل موته : ليوشكن على ندم وحسرة لا ينفعه بعدها بكاء ، ولا يقبل الله منه فداء ، ولو افتدى بملء الأرض ذهباً . عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ) رواه البخاري ( 6049 ) . قال الإمام بدر الدين العيني – رحمه الله - : " فكأنه قال : هذان الأمران إذا لم يستعملا فيما ينبغي : فقد غُبن صاحبُهما فيهما ، أي : باعهما ببخس لا تحمد عاقبته ، أو ليس له في ذلك رأي ألبتة ، فإن الإنسان إذا لم يعمل الطاعة في زمن صحته : ففي زمن المرض بالطريق الأولى ، وعلى ذلك حكم الفراغ أيضاً ، فيبقى بلا عمل ، خاسراً ، مغبوناً . هذا وقد يكون الإنسان صحيحاً ولا يكون متفرغاً للعبادة لاشتغاله بأسباب المعاش ، وبالعكس ، فإذا اجتمعا في العبد ، وقصَّر في نيل الفضائل : فذلك هو الغبن له كل الغبن ، وكيف لا والدنيا هي سوق الأرباح ، وتجارات الآخرة " انتهى . " عمدة القاري " ( 23 / 31 ) . فليحرص المسلم على وقته ، وليعلم أن ما يمضي من أيامه إنما يقترب به من قبره ، ونهاية حياته ، فالسعيد من اغتنم تلك الأيام ، والشقي من ضيعها . قال الحسن البصري - رحمه الله - : " يا ابن آدم ، إنما أنت أيام ، كلما ذهب يوم : ذهب بعضُك " انتهى . ثانياً: نأسف أن أوقات المسلمين تضيع باللهث وراء الألعاب التي ينتجها البطالون ، والكفار ، والتجار ، والذي يحرص جميعهم على استنفاد طاقاتنا ، وأموالنا ، فيما ينفعهم ، ويضرنا . وهذه اللعبة الواردة في السؤال وإن كان المسلم لا يبذل من ماله شيئا يشتريها به ، فهو يستطيع لعبها مجاناً على الإنترنت ، فإنه يبذل فيها ما هو أنفس من ماله ، بل أنفس من كل نفيس ، ينفق فيها عمره وأيامه ، ويستهلك فيها طاقته وشبابه بما لا ينفعه ، فيضيع عمره على لا شيء . وهي لعبة حربية ، يرمز اسمها – ترافيان – إلى قرية نموذجية ، يسميها أصحابها " معجزة العالَم " تحصن نفسها بالمواد الغذائية ، وبالدفاعات المناسبة ضد الأعداء ، وهذا بحد ذاته ليس فيه كثير شيء ضار ، لكنها قاتلة للوقت ، مضيعة للعمُر ؛ فقد يستمر اللعب بها أسابيع وشهوراً كثيرة ! ويصبح لاعبها مدمناً ، ينام ويستيقظ عليها ، وهذا ولا شك من أضر ما يكون على المسلم الذي خُلق في هذه الدنيا لغاية شريفة ، وهدفٍ نبيل سامٍ ، وهو توحيد الله تعالى ، وعبادته ، ويستلزم منه هذا أن يقوم بما أوجبه الله تعالى عليه من طاعات ، وأن يحجز نفسه عن الوقوع في المحرمات ، ولا شك أن تضييع العمر فيما لا نفع فيه ، وقتل الوقت بما لا يرى المسلم فائدته عند لقاء ربه : يخالف المقصود الذي خُلق من أجله ، وهو – كذلك – كفر بالنعَم الجليلة التي وهبها الله تعالى إياها ، كالصحة ، والفراغ . هذا ، بالإضافة إلى ما في تلك اللعبة من العنف ، وهو ما يكسب لاعبها من الأخلاق السيئة الشيء كثير ، ولا يخفى تأثير الألعاب على تصرفات وأخلاق اللاعبين ، وبخاصة إن علمنا طول الوقت المستغرق في تلك اللعبة ، والتي تمتد إلى أشهر كثيرة ؛ الأمر الذي يجعل لاعبها يعتاد على هذه الأخلاق التي يمارسها في لعبته ، ويعتاد السطو على بلاد الآخرين وأموالهم ، بدلا من أن يعتاد الجهاد في سبيل الله ، وأخلاقه وآدابه . وما فيها من قتل للوقت ، وتضييع له ، وما فيها من عنف : كافٍ في المنع منها ، والحث على تركها ، والتحذير منها ، ومن اطلع على فتنة الناس بها ، وعلى أثر تلك الألعاب الحربية على لاعبيها : لم يشك للحظة أن المنع منها هو الصواب . وقد أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بحرمة الشطرنج ، بناء على ما في لعبه لعبها من تضييع الأوقات ، في غير ما ينفع . فقال رحمه الله : " هذه اللعبة لا شك أنها مما يلهي كثيراً ، ويستغرق وقتاً طويلاً على لاعبيه ، تمضي الساعات وهم لا يشعرون بها ، فيفوتون بذلك مصالح كثيرة ، ومن ثم قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله : إن هذه اللعبة محرمة ، ولعله أخذه من قاعدةٍ لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأن ما ألهى كثيراً وشغل عن الواجب ، فإنه من اللهو الباطل المحرم . وأيضاً فإنه يحدث بها من الضغائن بين اللاعبين إذا غبن أحدهم ما هو معلوم ، وربما يحصل بها نزاع ومخاصمة أثناء اللعب وشتمٌ وسباب ، وربما يحدث بها عوض ليس دراهم ، ولكن من نوعٍ آخر . وعلى كل حال فالإنسان العاقل المؤمن المقدر لثمن الوقت لا ينزل بنفسه إلى اللعب بها والتلهي بها " انتهى . فتاوى نور على الدرب (13/252ـ ترقيم الشاملة ) ، وانظر فتاوى علماء البلد الحرام (1253) . والله أعلم المصدر الاسلام سؤال وجواب |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|